بسم الله الرحمن الرحيم
حوارات عقليــة
مع الطائفة الشيعية الاثني عشرية
أ . د . أحمد بن سعد حمدان الغامدي
أستاذ العقيدة بقسم الدراسات العليا
بجامعة أم القرى
1428 هـ
قال المؤلف حفظه الله :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فقد انفردت العقيدة الشيعية الاثنا عشرية بدعوى : ((أصول عقدية)) لم يقل بها غيرهم من جميع الطوائف الإسلامية .
والمتأمل لهذه العقائد يرى أن بعضها ينقض بعضاً .
بل مواقف من وصفوهم بالإمامة وما ورد عنهم من أقوال وأفعال ينقض هذه العقائد.
ولا شك أن هذا دليل على وجود خلل في تلك العقائد يحتاج إلى مراجعة.
والعقائد مطلوب فيها ((اليقين )) و((اليقين)) لا يتحقق إلا بأن تكون: ((العقائد )) يصدق بعضها بعضاً وتأتي أقوال الأئمة ـ إن كانوا أئمة ـ مصححة لها مثبتة لقواعدها.
إذ العقائد هي أساس الدين وقاعدته فإذا تناقض الأساس أو ضعف دل على بطلانه وعدم صحته.
ودين الله عز وجل مصدره واحد وبعضه يصدق بعضاً ويستحيل أن تكون هذه العقائد عقائد ربانية ثم ينقض بعضها بعضاً. قال تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً"[ سورة النساء : آية:82]
والتناقض في الحقيقة ليس خاصاً بالعقائد بل حتى في الفروع إذ لا تكاد تجد رواية في حكم شرعي في كتب الشيعة الاثني عشرية إلا وتجد بجانبها رواية أخرى تنقضها مما يؤكد أن مصدر هذه الروايات ليس واحداً .
قال العالم الشيعي الا ثنا عشري الطوسي في مقدمة كتابه: "التهذيب": (ذاكرني بعض الأصدقاء أيده الله ممَّن أوجب حقه علينا بأحاديث أصحابنا أيدهم الله ورحم السلف منهم وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد حتَّى لا يكاد يتفق خبر إلاَّ وبإزائه ما يُضاده ولا يسلم حديث إلاَّ وفي مقابلته ما ينافيه حتَّى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون في مذهبنا.. إلى أن قال: حتَّى دخل على جماعة ممَّن ليس لهم قوة في العلم ولا بصيرة بوجوه النظر ومعاني الألفاظ شبهة وكثير منهم رجع عن اعتقاد الحق لِما اشتبه عليه الوجه في ذلك وعجز عن حل الشبهة فيه.)انتهى
قلت : وهذا التناقض في الأصول والفروع يحتاج من الشيعي أن يراجع عقيدته ليصل إلى اليقين بنفسه حسب ما يوصيه به علماؤه إذ يزعمون أن العقيدة لا يقبل فيها التقليد فإذا اطلع الشيعي على هذا التناقض وجب عليه أن يبحث عن الحق الذي أنزله الله عز وجل لئلا يلقى الله عز وجل بعقيدة غير صحيحة .
وفي هذه الورقات القليلة مفتاح البحث لمن أراد الحقيقة من خلال النظر والتأمل في هذا التناقض الخطير وذلك من خلال سبع مسائل:
الأولى: هل الإمامة أصل من أصول الدين ؟
الثانية: حديث الغدير.
الثالثة: هل الإمامة كالنبوة ؟
الرابعة: دعوى العصمة للموصوفين. بالإمامة عند الشيعة الاثني عشرية
الخامسة: دعوى أن التقية دين .
السادسة : القدرات الخارقة للموصوفين بالإمامة عند الشيعة الاثني عشرية.
السابعة: الصحابة .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
يتبع المسألة الأولى .. إن شاء الله
المسألة الأولى:
هل الإمامة أصل من أصول الدين؟وهل ثبتت بأدلة قطعية؟
(الإمامة عند الشيعة أصل ) :
تزعم الشيعة أن الإمامة أصل من أصول الدين مثل الوحدانية والنبوة والصلاة والزكاة والصيام والحج كما ورد في كتب الروايات والعقائد عندهم.
فأما في الروايات :
فقد روى الكليني بسنده عن أبي جعفر أنه قال: "بني الإسلام على خمس: على الصّلاة والزّكاة والصّوم والحجّ والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ النّاس بأربع وتركوا هذه - يعني الولاية -" [أصول الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام: 2/18، رقم 3] ,قال في شرح الكافي في بيان درجة هذا الحديث عندهم: "موثق كالصّحيح" فهو معتبر عندهم. [الشّافي شرح الكافي: 5/28 رقم1487).].
وهنا أسقطوا الشّهادتين من أركان الإسلام، ووضعوا مكانهما الولاية، وعدوها من أعظم الأركان، كما يدل عليه قولهم: "ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية" وكما يدل عليه حديثهم الآخر والذي ذكر فيه نص الرواية السابقة وزاد: "قلت ( أي الراوي): وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل" [أصول الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام: 2/18، وهو حديث صحيح السند عندهم حسب ما صرح به شيوخهم (انظر: الشافي: 5/59) وقد ورد حديثهم هذا في: تفسير العياشي: 1/191، البرهان: 1/303، بحار الأنوار: 1/394.].
ورووا في أخبارهم أيضًا بأنه: "عرج بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى السّماء مائة وعشرين مرّة ( نعم ماءة وعشرين مرة ببركة الروايات الشيعية تتحول المرة الواحدة إلى ماءة وعشرين مرة وفي كل مرة يشرع الإمامة كما ترى؟؟؟؟؟!!!!) ما من مرّة إلا وقد أوصى الله عزّ وجلّ فيها إلى النّبيّ بالولاية لعليّ والأئمّة من بعده أكثر ممّا أوصاه بالفرائض" [ابن بابويه/ الخصال: ص600-601، بحار الأنوار: 23/69.] " ونحن لاندري لماذا يكرره في كل مرة ؟؟!! هل لنسيان النبي صلى الله عليه وسلم أم ؟؟!!
هذا في الروايات .
وأما في مصنفات العقائد فقد اعتمد علماء الاثني عشرية هذا القول وقرروه في مصنفاتهم ونكتفي بإيراد ثلاثة نماذج منها:
- قال العالم الاثنا عشري: جعفر سبحاني في كتابه (الملل والنحل) تحت عنوان (هل الإمامة من الأصول أو من الفروع؟) ما نصه: [الشيعة على بكرة أبيهم اتفقوا على كونها أصلاً من أصول الدين] الملل والنحل :/ 257/
-وقال محمد رضا المظفر: [نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها] عقائد الإمامية: ص102.
- وقال الخميني: [الإمامة إحدى أصول الدين الإسلامي] كشف الأسرار: ص149.
أما (الأصول الأربعة)) التي ذكرت مع الإمامة سابقاً فقد ثبتت بأدلة قطعية من كتاب الله عز وجل عند جميع الأمة و أما : ((الإمامة)) فلم تثبت بدليل قطعي من كتاب الله عز وجل بل ولا من السنة الصحيحة .
(رواية مباني الإسلام عند السنة ) :
ولكننا قبل ذلك نورد الرواية الصحيحة التي وردت عن نبينا صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة في بيان الأصول التي بني عليها : ((الإسلام )) والتي اشتملت على أهم ركن في دين الله عز وجل وقد أسقطوه من هذه الرواية والإسلام لا يتم إلا به ولا ندري لماذا أسقطوه من هذه الرواية مع أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها وألحقوا بدلاً منها : (( الولاية)) وأوردوه في روايات أخرى !ــــــــــــــــــــــ
هذا الركن هو: (( شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) ) ذُكرا أصلاً واحداً لعدم صحة أحدهما إلا بالآخر.
فقد ورد في الصحيحين: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ:
1. شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛
2. وَإِقَامِ الصَّلَاةِ .
3. وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ.
4. وَالْحَجِّ.
5. وَصَوْمِ رَمَضَانَ )
[رواه البخاري:ح: 7 و مسلم: ح:21]
وليس فيه ذكر للولاية !!!
(أدلة أصول الدين من القرآن) :
وفيما يلي نماذج من الأدلة القطعية التي ثبتت بها تلك الأصول من كتاب الله عز وجل:
1- الأصل الأول: الألوهية والنبوة:
أ ـ الألوهية:
الشهادة لله عز وجل بالألوهية وردت في مئات الآيات ومنها:
قوله تعالى: ("وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاّ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الرّحْمَنُ الرّحِيمُ" ) [سورة البقرة 163]
وقوله تعالى: ("اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ..") [سورة البقرة 255]
ب ـ النبوة:
ورد اسم النبي في القرآن صريحاً أربع مرات وأما وصفه بالرسالة والنبوة ونداؤه بها ونحو ذلك فقد ورد في عشرات الآيات نذكر نماذج منها:
قال الله تعالى "مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً..." [سورة الفتح : 29]
وقال الله تعالى: ("وَمَا مُحَمّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ..." [سورة آل عمران :144]
وقال تعالى :"قُلْ يَأَيّهَا النّاسُ إِنّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الّذِي لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النّبِيّ الاُمّيّ الّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتّبِعُوهُ لَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ" [سورة الأعراف :158]
وقال تعالى : "لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رّحِيمٌ" [سورة التوبة :128]
2 - الصلاة:
وردت نصوص عدة ببيان فرضيتها والأمر بإقامتها وجعلها شرطاً في الإيمان ونحو ذلك:
قال تعالى: ("إِنّ الصّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مّوْقُوتاً" [سورةالنساء :103]
وقال تعالى : "وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَمَا تُقَدّمُواْ لأنْفُسِكُم مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" [البقرة :110]
وقال تعالى: "وَأَنْ أَقِيمُواْ الصّلاةَ وَاتّقُوهُ وَهُوَ الّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" [سورة الأنعام:72]
وقال تعالى: "فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَآتَوُاْ الزّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدّينِ وَنُفَصّلُ الاَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [سورة التوبة:11]
3- الزكاة:
والزكاة تكاد تكون قرينة للصلاة في كل موطن ورد فيه ذكر الصلاة وأما فرضها فمنه:
قوله تعالى : ("إِنّمَا الصّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [سورة التوبة:60]
وقال تعالى : "وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرّاكِعِينَ" [سورة البقرة :43]
4- الصيام:
قال تعالى : ("يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ" [سورة البقرة 183]
وقال تعالى :"شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لّلنّاسِ وَبَيّنَاتٍ مّنَ الْهُدَىَ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىَ سَفَرٍ فَعِدّةٌ مّنْ أَيّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللّهَ عَلَىَ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ" [سورة البقرة 185]
5- الحج:
قال تعالى: وَللّهِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنّ الله غَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ"[سورة آل عمران 97]
فها هي الأصول الخمسة قد ثبتت في القرآن بدليل قطعي لا خلاف فيه بين جميع طوائف الأمة فأين الدليل القطعي من القرآن على الإمامة على نحو ما ورد في هذه الأصول وحكمها واحد حسب زعمكم؟ !
ها هو القرآن من أوله إلى آخره ليس فيه ذكر للإمامة التي تزعمون مطلقاً!
*فكيف تزعمون أن الإمامة أصل من أصول الدين ثم لا يرد في كتاب الله عز وجل دليل صريح في بيان وجوبها.
*فإن قلتم بل ورد أدلة كثيرة.
قلنا هاتوا دليلاً واحداً فقط.
(دليل الإمامة من القرآن عند الاثني عشرية) :
فإن قلتم: قوله تعالى: "إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" [سورة المائدة: 55]
وهذا أهم دليل يحتجون به:
قال شيخ الطائفة - كما يلقبونه - الطوسي: "وأما النص على إمامته من القرآن فأقوى ما يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة، آية: 55.]" [تلخيص الشافي: 2/10.].
وقال الطبرسي: "وهذه الآية من أوضح الدلائل على صحة إمامة علي بعد النبي بلا فصل" [مجمع البيان: 2/128.].
* فنقول : أين ذكر الإمامة في هذه الآية ؟ !
فإن قلتم: ذكرت: "الولاية"
فنقول أنتم تتحدثون عن إمامة جعلتموها رمزاً لكم و سميتم أنفسكم بها فلم لا تطلقون على أنفسكم : (( الولاياتية )) بدلاً من : (( الإمامية )) لأنها نص القرآن ؟!
* ثم نتجاوز هذا فنقول: كيف فسرتم: ((الولاية )) في هذه الآية بمعنى: (( الإمامة )) وقد سبقها آيات فيها ذكر الولاية على خلاف ما ذكرتم بإجماعكم وإجماعنا ؟
فقد سبقها آيات تذكر: (( الولاية )) ولحقها آيات تذكر: (( الولاية )) وليس معناها: (( الإمامة )) وهذه هي الآيات تأملها جيداً ثم أعجب من إخراج هذه الآية عن سياقها ولحاقها:
قال تعالى :"يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ *فَتَرَى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىَ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىَ مَآ أَسَرّواْ فِيَ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ *وَيَقُولُ الّذِينَ آمَنُواْ أَهُؤُلآءِ الّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ *يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبّونَهُ أَذِلّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ *
إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ *
وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ فَإِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ *يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الّذِينَ اتّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مّنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفّارَ أَوْلِيَآءَ وَاتّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مّؤْمِنِينَ *وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصّلاَةِ اتّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنّهُمْ قَوْمٌ لاّ يَعْقِلُونَ *" [سورة المائدة :51ـ 58 ]
فكيف استجزتم تفسيرها بالإمامة وفسرتم الأخرى بغير الإمامة كما في تفاسيركم ؟؟!
والقرآن مملوء بهذه الكلمة والتي جاءت مسندة إلى الله عز وجل وإلى الناس باشتقاقات متعددة ولم ترد مرة واحدة في هذه الموارد بمعنى : (( الإمامة)) .
فما بالها هنا انقلبت لتكون بمعنى (( الإمامة )) ؟؟!!
(معنى الولاية في القرآن غير الولاية الشيعية) :
فقد وردت مجردة عن الإضافة في أكثر من عشرين موضعاً من كتاب الله عز وجل بمعنى : النصير أو الحفيظ والرعاية ونحوها .
وقال تعالى: "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ" [سورة البقرة 107]
وقال تعالى:"وَلَنْ تَرْضَىَ عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النّصَارَىَ حَتّىَ تَتّبِعَ مِلّتَهُمْ قُلْ إِنّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَلَئِنِ اتّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ الّذِي جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ" [سورة البقرة :120]
ووردت مضافة إلى المؤمنين :
قال تعالى:"اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مّنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ وَالّذِينَ كَفَرُوَاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مّنَ النّورِ إِلَى الظّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [سورة البقرة :257]
"إِنّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلّذِينَ اتّبَعُوهُ وَهَذَا النّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيّ الْمُؤْمِنِينَ" [سورة آل عمران 68]
ووردت مضافة إلى الضمير :
"بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النّاصِرِينَ"[سورةآل عمران:150] وفسرها هنا بالنصرة كما هو واضح فقال: (( مولاكم )) ثم قال: و: (( هو خير الناصرين )) فالمعنى: (( بل الله ناصركم وهو خير الناصرين )).
وهكذا في بقية الموارد فأين فيها: (( الإمامة )) ؟؟!!
*ثم أين في لغة العرب : ((مولاكم )) أو: (( مولاهم )) أو: (( مولاه)) أو: ((وليكم)) أو(وليه)) أو(وليهم)) ونحوها بمعنى: ((إمامهم))
لو أراد الله عز وجل الإمامة لصرح بها فقال : (( عليًّ إمامكم)) أو قال سبحانه : ((عليًّ والٍ عليكم )) أو قال : ((ولي أمركم)) فهذا الذي يتفق مع مكانة الإمامة لو كانت أصلاً فلِمَ لم يصرح عز وجل باسم : ((عليٍّ )) ووصْفِه بـ : ((الإمامة )) كما صرح عز وجل بالأصول الأخرى؟؟!!
(تفسير الولاية بالرواية ينقض دلالتها بنفسها ) :
*فإن قلتم نفسرها بما ورد في كتب التفسير من أن سبب نزولها في علي رضي الله عنه.
قلنا: إذن النص لا يدل بنفسه على الإمامة ولا يفهم إلا بنص من السنة فكيف تزعمون أن الإمامة ثبتت بدليل قطعي والدليل القطعي لا يسمى قطعياً إلا إذا كان أولاً بنفسه باتفاق جميع الأصولي
فكيف جاءت جميع الأصول السابقة بأدلة قطعية من القرآن الكريم دالة بنفسها على تلك الأصول بحيث لا تحتاج إلى بيان من خارجها ثم ترد : (( الإمامة )) بدليل يحتاج في تفسيره إلى دليل خارجي وهي من مسائل الأصول التي يترتب عليها كفر وإيمان وجنة ونار - حسب زعمكم -؟ !
(سبب نزول الآية) :
*ثم نقول: ما ذكرتموه من الدليل الخارجي وهو: سبب النـزول لم يصح فكيف تعتمدون في دينكم على دليل لا يصح!!
ثم نقول:هل تستطيعون تصحيحه أنتم ؟؟!!حتى على منهجكم الجديد الذي استحدثتموه ؟!
*ثم نقول قد ورد في سبب النـزول أدلة أخرى على خلاف ما ذكرتم حيث ورد أن سبب النـزول كان في عبادة بن الصامت وهو أصح من دليلكم فأين الدليل القطعي الذي قسمتم الأمة بسببه إلى طائفتين متعادين متقاتلين ؟ !
قال الطبري:
(( القول في تأويل قوله : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) } : يعني تعالى ذكره بقوله:"إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا"، ليس لكم، أيها المؤمنون، ناصر إلا الله ورسوله، والمؤمنون الذين صفتهم ما ذكر تعالى ذكره.
فأما اليهود والنصارى الذين أمركم الله أن تبرأوا من وَلايتهم، ونهاكم أن تتخذوا منهم أولياء، فليسوا لكم أولياء لا نُصرَاء، بل بعضهم أولياء بعض، ولا تتخذوا منهم وليًّا ولا نصيرًا ))
ثم قال : (( وقيل إن هذه الآية نزلت في عبادة بن الصامت، في تَبَرُّئِه من وَلاية يهود بني قينقاع وحِلفهم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.))
وروى بسنده أنه : (( لما حاربت بنو قينقاع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، مشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم= وكان أحد بني عوف بن الخزرج= فخلعهم إلى رسول الله، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حِلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حِلف الكفار ووَلايتهم! ففيه نزلت: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) }= لقول عبادةَ:"أتولى الله ورسوله والذين آمنوا"، وتبرئه من بني قينقاع ووَلايتهم=
ثم روى عن أبي جعفر الباقر أنه فسرها بولاية جميع المؤمنين .
فقد روى بسنده - وكذلك ابن أبي حاتم وغيرهما - عن عبد الملك ابن أبي سليمان - تلميذ أبي جعفر- عن أبي جعفر قال: ( سألته عن هذه الآية: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" قلت: من الذين آمنوا؟
قال: الذين آمنوا! .
قلنا: بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب!
قال: عليٌّ من الذين آمنوا).
ورويا كذلك أنها نزلت في علي ابن أبي طالب ولكن سند الرواية في عبادة أصح.
وهذا للتنبيه لا للاستدلال إذ رأينا كثيراً من علماء الشيعة يوهم الناس بأن أهل السنة متفقون على أن الآية نزلت في علي رضي الله عنه فقط ولا يذكر الخلاف ولا درجته وهذا مخل بالأمانة العلمية.
ثم هذا من باب التنزل لا أننا نقر بجواز الاستدلال على الأصول بغير القرآن .
(لِمَ لَمْ يُذكر اسم علي في القرآن) :
*ثم نقول: ما الذي يمنع الله عز وجل من تسمية الإمام علي رضي الله عنه باسمه في القرآن الكريم لوكان سبحانه يريد أن ينصبه إماماً ويسند الإمامة إليه صراحة إذ ذلك الذي يرفع النزاع كما رفعه عز وجل في بقية الأصول خاصة وأنه يترتب عليه كفر وإيمان وجنة ونار حسب زعمكم ؟!
*فإن زعمتم أن التصريح به قد يؤدي إلى تغيير القرآن كما زعم الخميني حيث قال لو كانت مسألة الإمامة قد تم تثبيتها في القرآن فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة ويحذفون تلك الآيات من صفحاته ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلى الأبد...!!!) [ كشف الأسرار : 13 ]
قلنا:هذا القول من أخطر الأقوال على قائله إذ مؤدى ذلك: تكذيب لرب العالمين الذي قد وعد بحفظ كتابه ووعدُ الله عز وجل متحقق لا محالة والذي يعتقد أن رب العالمين لا يستطيع أن يحفظ كتابه إذا صرح بالإمامة فإن ذلك كفر به عز وجل.
يقول سبحانه وتعالى : "إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [سورةالحجر: 9]
(لاتقوم الحجة إلا بذكر الإمامة في القرآن كبقية أصول الدين):
*ثم عوداً على بدء فنقول :كيف يفرض سبحانه ((أصلاً )) على الأمة ثم لا يبينه في كتابه خشية التغيير ؟ !
ما ذنب الناس الذين لايجدون في كتابه سبحانه دليلاً واضحاً على مراده - لوكان ذلك مراده سبحانه-كما يجدونه في بقية الأصول ثم يُطلب منهم أن يعتقدوه ويحاسبهم عليه ولا يقبل منهم عملاً إلا به؟!
إن هذا لا يقبله عقل سليم .
ويحسن هنا أن نتبع هذه المسألة التي اشتملت على أهم دليل للشيعة على الإمامة من القرآن - والذي تبين لنا عدم دلالته - أهم دليل لهم من السنة في مسألة جديدة .
وإن كانت هذه المسألة- التي هي الإمامة على حسب زعمهم- ليست من الفروع التي يبحث عنها في الــسنة لكن لـبيان ضعف الاستدلال حتى من خارج القرآن .
( يتبع المسألة الثانية .. إن شاء الله . )
حوارات عقليــة
مع الطائفة الشيعية الاثني عشرية
أ . د . أحمد بن سعد حمدان الغامدي
أستاذ العقيدة بقسم الدراسات العليا
بجامعة أم القرى
1428 هـ
قال المؤلف حفظه الله :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فقد انفردت العقيدة الشيعية الاثنا عشرية بدعوى : ((أصول عقدية)) لم يقل بها غيرهم من جميع الطوائف الإسلامية .
والمتأمل لهذه العقائد يرى أن بعضها ينقض بعضاً .
بل مواقف من وصفوهم بالإمامة وما ورد عنهم من أقوال وأفعال ينقض هذه العقائد.
ولا شك أن هذا دليل على وجود خلل في تلك العقائد يحتاج إلى مراجعة.
والعقائد مطلوب فيها ((اليقين )) و((اليقين)) لا يتحقق إلا بأن تكون: ((العقائد )) يصدق بعضها بعضاً وتأتي أقوال الأئمة ـ إن كانوا أئمة ـ مصححة لها مثبتة لقواعدها.
إذ العقائد هي أساس الدين وقاعدته فإذا تناقض الأساس أو ضعف دل على بطلانه وعدم صحته.
ودين الله عز وجل مصدره واحد وبعضه يصدق بعضاً ويستحيل أن تكون هذه العقائد عقائد ربانية ثم ينقض بعضها بعضاً. قال تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً"[ سورة النساء : آية:82]
والتناقض في الحقيقة ليس خاصاً بالعقائد بل حتى في الفروع إذ لا تكاد تجد رواية في حكم شرعي في كتب الشيعة الاثني عشرية إلا وتجد بجانبها رواية أخرى تنقضها مما يؤكد أن مصدر هذه الروايات ليس واحداً .
قال العالم الشيعي الا ثنا عشري الطوسي في مقدمة كتابه: "التهذيب": (ذاكرني بعض الأصدقاء أيده الله ممَّن أوجب حقه علينا بأحاديث أصحابنا أيدهم الله ورحم السلف منهم وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد حتَّى لا يكاد يتفق خبر إلاَّ وبإزائه ما يُضاده ولا يسلم حديث إلاَّ وفي مقابلته ما ينافيه حتَّى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون في مذهبنا.. إلى أن قال: حتَّى دخل على جماعة ممَّن ليس لهم قوة في العلم ولا بصيرة بوجوه النظر ومعاني الألفاظ شبهة وكثير منهم رجع عن اعتقاد الحق لِما اشتبه عليه الوجه في ذلك وعجز عن حل الشبهة فيه.)انتهى
قلت : وهذا التناقض في الأصول والفروع يحتاج من الشيعي أن يراجع عقيدته ليصل إلى اليقين بنفسه حسب ما يوصيه به علماؤه إذ يزعمون أن العقيدة لا يقبل فيها التقليد فإذا اطلع الشيعي على هذا التناقض وجب عليه أن يبحث عن الحق الذي أنزله الله عز وجل لئلا يلقى الله عز وجل بعقيدة غير صحيحة .
وفي هذه الورقات القليلة مفتاح البحث لمن أراد الحقيقة من خلال النظر والتأمل في هذا التناقض الخطير وذلك من خلال سبع مسائل:
الأولى: هل الإمامة أصل من أصول الدين ؟
الثانية: حديث الغدير.
الثالثة: هل الإمامة كالنبوة ؟
الرابعة: دعوى العصمة للموصوفين. بالإمامة عند الشيعة الاثني عشرية
الخامسة: دعوى أن التقية دين .
السادسة : القدرات الخارقة للموصوفين بالإمامة عند الشيعة الاثني عشرية.
السابعة: الصحابة .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
يتبع المسألة الأولى .. إن شاء الله
المسألة الأولى:
هل الإمامة أصل من أصول الدين؟وهل ثبتت بأدلة قطعية؟
(الإمامة عند الشيعة أصل ) :
تزعم الشيعة أن الإمامة أصل من أصول الدين مثل الوحدانية والنبوة والصلاة والزكاة والصيام والحج كما ورد في كتب الروايات والعقائد عندهم.
فأما في الروايات :
فقد روى الكليني بسنده عن أبي جعفر أنه قال: "بني الإسلام على خمس: على الصّلاة والزّكاة والصّوم والحجّ والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ النّاس بأربع وتركوا هذه - يعني الولاية -" [أصول الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام: 2/18، رقم 3] ,قال في شرح الكافي في بيان درجة هذا الحديث عندهم: "موثق كالصّحيح" فهو معتبر عندهم. [الشّافي شرح الكافي: 5/28 رقم1487).].
وهنا أسقطوا الشّهادتين من أركان الإسلام، ووضعوا مكانهما الولاية، وعدوها من أعظم الأركان، كما يدل عليه قولهم: "ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية" وكما يدل عليه حديثهم الآخر والذي ذكر فيه نص الرواية السابقة وزاد: "قلت ( أي الراوي): وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل" [أصول الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام: 2/18، وهو حديث صحيح السند عندهم حسب ما صرح به شيوخهم (انظر: الشافي: 5/59) وقد ورد حديثهم هذا في: تفسير العياشي: 1/191، البرهان: 1/303، بحار الأنوار: 1/394.].
ورووا في أخبارهم أيضًا بأنه: "عرج بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى السّماء مائة وعشرين مرّة ( نعم ماءة وعشرين مرة ببركة الروايات الشيعية تتحول المرة الواحدة إلى ماءة وعشرين مرة وفي كل مرة يشرع الإمامة كما ترى؟؟؟؟؟!!!!) ما من مرّة إلا وقد أوصى الله عزّ وجلّ فيها إلى النّبيّ بالولاية لعليّ والأئمّة من بعده أكثر ممّا أوصاه بالفرائض" [ابن بابويه/ الخصال: ص600-601، بحار الأنوار: 23/69.] " ونحن لاندري لماذا يكرره في كل مرة ؟؟!! هل لنسيان النبي صلى الله عليه وسلم أم ؟؟!!
هذا في الروايات .
وأما في مصنفات العقائد فقد اعتمد علماء الاثني عشرية هذا القول وقرروه في مصنفاتهم ونكتفي بإيراد ثلاثة نماذج منها:
- قال العالم الاثنا عشري: جعفر سبحاني في كتابه (الملل والنحل) تحت عنوان (هل الإمامة من الأصول أو من الفروع؟) ما نصه: [الشيعة على بكرة أبيهم اتفقوا على كونها أصلاً من أصول الدين] الملل والنحل :/ 257/
-وقال محمد رضا المظفر: [نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها] عقائد الإمامية: ص102.
- وقال الخميني: [الإمامة إحدى أصول الدين الإسلامي] كشف الأسرار: ص149.
أما (الأصول الأربعة)) التي ذكرت مع الإمامة سابقاً فقد ثبتت بأدلة قطعية من كتاب الله عز وجل عند جميع الأمة و أما : ((الإمامة)) فلم تثبت بدليل قطعي من كتاب الله عز وجل بل ولا من السنة الصحيحة .
(رواية مباني الإسلام عند السنة ) :
ولكننا قبل ذلك نورد الرواية الصحيحة التي وردت عن نبينا صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة في بيان الأصول التي بني عليها : ((الإسلام )) والتي اشتملت على أهم ركن في دين الله عز وجل وقد أسقطوه من هذه الرواية والإسلام لا يتم إلا به ولا ندري لماذا أسقطوه من هذه الرواية مع أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها وألحقوا بدلاً منها : (( الولاية)) وأوردوه في روايات أخرى !ــــــــــــــــــــــ
هذا الركن هو: (( شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) ) ذُكرا أصلاً واحداً لعدم صحة أحدهما إلا بالآخر.
فقد ورد في الصحيحين: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ:
1. شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛
2. وَإِقَامِ الصَّلَاةِ .
3. وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ.
4. وَالْحَجِّ.
5. وَصَوْمِ رَمَضَانَ )
[رواه البخاري:ح: 7 و مسلم: ح:21]
وليس فيه ذكر للولاية !!!
(أدلة أصول الدين من القرآن) :
وفيما يلي نماذج من الأدلة القطعية التي ثبتت بها تلك الأصول من كتاب الله عز وجل:
1- الأصل الأول: الألوهية والنبوة:
أ ـ الألوهية:
الشهادة لله عز وجل بالألوهية وردت في مئات الآيات ومنها:
قوله تعالى: ("وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاّ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الرّحْمَنُ الرّحِيمُ" ) [سورة البقرة 163]
وقوله تعالى: ("اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ..") [سورة البقرة 255]
ب ـ النبوة:
ورد اسم النبي في القرآن صريحاً أربع مرات وأما وصفه بالرسالة والنبوة ونداؤه بها ونحو ذلك فقد ورد في عشرات الآيات نذكر نماذج منها:
قال الله تعالى "مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً..." [سورة الفتح : 29]
وقال الله تعالى: ("وَمَا مُحَمّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ..." [سورة آل عمران :144]
وقال تعالى :"قُلْ يَأَيّهَا النّاسُ إِنّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الّذِي لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النّبِيّ الاُمّيّ الّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتّبِعُوهُ لَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ" [سورة الأعراف :158]
وقال تعالى : "لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رّحِيمٌ" [سورة التوبة :128]
2 - الصلاة:
وردت نصوص عدة ببيان فرضيتها والأمر بإقامتها وجعلها شرطاً في الإيمان ونحو ذلك:
قال تعالى: ("إِنّ الصّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مّوْقُوتاً" [سورةالنساء :103]
وقال تعالى : "وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَمَا تُقَدّمُواْ لأنْفُسِكُم مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" [البقرة :110]
وقال تعالى: "وَأَنْ أَقِيمُواْ الصّلاةَ وَاتّقُوهُ وَهُوَ الّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" [سورة الأنعام:72]
وقال تعالى: "فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَآتَوُاْ الزّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدّينِ وَنُفَصّلُ الاَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [سورة التوبة:11]
3- الزكاة:
والزكاة تكاد تكون قرينة للصلاة في كل موطن ورد فيه ذكر الصلاة وأما فرضها فمنه:
قوله تعالى : ("إِنّمَا الصّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [سورة التوبة:60]
وقال تعالى : "وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرّاكِعِينَ" [سورة البقرة :43]
4- الصيام:
قال تعالى : ("يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ" [سورة البقرة 183]
وقال تعالى :"شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِيَ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لّلنّاسِ وَبَيّنَاتٍ مّنَ الْهُدَىَ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىَ سَفَرٍ فَعِدّةٌ مّنْ أَيّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللّهَ عَلَىَ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ" [سورة البقرة 185]
5- الحج:
قال تعالى: وَللّهِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنّ الله غَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ"[سورة آل عمران 97]
فها هي الأصول الخمسة قد ثبتت في القرآن بدليل قطعي لا خلاف فيه بين جميع طوائف الأمة فأين الدليل القطعي من القرآن على الإمامة على نحو ما ورد في هذه الأصول وحكمها واحد حسب زعمكم؟ !
ها هو القرآن من أوله إلى آخره ليس فيه ذكر للإمامة التي تزعمون مطلقاً!
*فكيف تزعمون أن الإمامة أصل من أصول الدين ثم لا يرد في كتاب الله عز وجل دليل صريح في بيان وجوبها.
*فإن قلتم بل ورد أدلة كثيرة.
قلنا هاتوا دليلاً واحداً فقط.
(دليل الإمامة من القرآن عند الاثني عشرية) :
فإن قلتم: قوله تعالى: "إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" [سورة المائدة: 55]
وهذا أهم دليل يحتجون به:
قال شيخ الطائفة - كما يلقبونه - الطوسي: "وأما النص على إمامته من القرآن فأقوى ما يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة، آية: 55.]" [تلخيص الشافي: 2/10.].
وقال الطبرسي: "وهذه الآية من أوضح الدلائل على صحة إمامة علي بعد النبي بلا فصل" [مجمع البيان: 2/128.].
* فنقول : أين ذكر الإمامة في هذه الآية ؟ !
فإن قلتم: ذكرت: "الولاية"
فنقول أنتم تتحدثون عن إمامة جعلتموها رمزاً لكم و سميتم أنفسكم بها فلم لا تطلقون على أنفسكم : (( الولاياتية )) بدلاً من : (( الإمامية )) لأنها نص القرآن ؟!
* ثم نتجاوز هذا فنقول: كيف فسرتم: ((الولاية )) في هذه الآية بمعنى: (( الإمامة )) وقد سبقها آيات فيها ذكر الولاية على خلاف ما ذكرتم بإجماعكم وإجماعنا ؟
فقد سبقها آيات تذكر: (( الولاية )) ولحقها آيات تذكر: (( الولاية )) وليس معناها: (( الإمامة )) وهذه هي الآيات تأملها جيداً ثم أعجب من إخراج هذه الآية عن سياقها ولحاقها:
قال تعالى :"يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ *فَتَرَى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىَ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىَ مَآ أَسَرّواْ فِيَ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ *وَيَقُولُ الّذِينَ آمَنُواْ أَهُؤُلآءِ الّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ *يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبّونَهُ أَذِلّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ *
إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ *
وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ فَإِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ *يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الّذِينَ اتّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مّنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفّارَ أَوْلِيَآءَ وَاتّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مّؤْمِنِينَ *وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصّلاَةِ اتّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنّهُمْ قَوْمٌ لاّ يَعْقِلُونَ *" [سورة المائدة :51ـ 58 ]
فكيف استجزتم تفسيرها بالإمامة وفسرتم الأخرى بغير الإمامة كما في تفاسيركم ؟؟!
والقرآن مملوء بهذه الكلمة والتي جاءت مسندة إلى الله عز وجل وإلى الناس باشتقاقات متعددة ولم ترد مرة واحدة في هذه الموارد بمعنى : (( الإمامة)) .
فما بالها هنا انقلبت لتكون بمعنى (( الإمامة )) ؟؟!!
(معنى الولاية في القرآن غير الولاية الشيعية) :
فقد وردت مجردة عن الإضافة في أكثر من عشرين موضعاً من كتاب الله عز وجل بمعنى : النصير أو الحفيظ والرعاية ونحوها .
وقال تعالى: "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ" [سورة البقرة 107]
وقال تعالى:"وَلَنْ تَرْضَىَ عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النّصَارَىَ حَتّىَ تَتّبِعَ مِلّتَهُمْ قُلْ إِنّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَلَئِنِ اتّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ الّذِي جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ" [سورة البقرة :120]
ووردت مضافة إلى المؤمنين :
قال تعالى:"اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مّنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ وَالّذِينَ كَفَرُوَاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مّنَ النّورِ إِلَى الظّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [سورة البقرة :257]
"إِنّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلّذِينَ اتّبَعُوهُ وَهَذَا النّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيّ الْمُؤْمِنِينَ" [سورة آل عمران 68]
ووردت مضافة إلى الضمير :
"بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النّاصِرِينَ"[سورةآل عمران:150] وفسرها هنا بالنصرة كما هو واضح فقال: (( مولاكم )) ثم قال: و: (( هو خير الناصرين )) فالمعنى: (( بل الله ناصركم وهو خير الناصرين )).
وهكذا في بقية الموارد فأين فيها: (( الإمامة )) ؟؟!!
*ثم أين في لغة العرب : ((مولاكم )) أو: (( مولاهم )) أو: (( مولاه)) أو: ((وليكم)) أو(وليه)) أو(وليهم)) ونحوها بمعنى: ((إمامهم))
لو أراد الله عز وجل الإمامة لصرح بها فقال : (( عليًّ إمامكم)) أو قال سبحانه : ((عليًّ والٍ عليكم )) أو قال : ((ولي أمركم)) فهذا الذي يتفق مع مكانة الإمامة لو كانت أصلاً فلِمَ لم يصرح عز وجل باسم : ((عليٍّ )) ووصْفِه بـ : ((الإمامة )) كما صرح عز وجل بالأصول الأخرى؟؟!!
(تفسير الولاية بالرواية ينقض دلالتها بنفسها ) :
*فإن قلتم نفسرها بما ورد في كتب التفسير من أن سبب نزولها في علي رضي الله عنه.
قلنا: إذن النص لا يدل بنفسه على الإمامة ولا يفهم إلا بنص من السنة فكيف تزعمون أن الإمامة ثبتت بدليل قطعي والدليل القطعي لا يسمى قطعياً إلا إذا كان أولاً بنفسه باتفاق جميع الأصولي
فكيف جاءت جميع الأصول السابقة بأدلة قطعية من القرآن الكريم دالة بنفسها على تلك الأصول بحيث لا تحتاج إلى بيان من خارجها ثم ترد : (( الإمامة )) بدليل يحتاج في تفسيره إلى دليل خارجي وهي من مسائل الأصول التي يترتب عليها كفر وإيمان وجنة ونار - حسب زعمكم -؟ !
(سبب نزول الآية) :
*ثم نقول: ما ذكرتموه من الدليل الخارجي وهو: سبب النـزول لم يصح فكيف تعتمدون في دينكم على دليل لا يصح!!
ثم نقول:هل تستطيعون تصحيحه أنتم ؟؟!!حتى على منهجكم الجديد الذي استحدثتموه ؟!
*ثم نقول قد ورد في سبب النـزول أدلة أخرى على خلاف ما ذكرتم حيث ورد أن سبب النـزول كان في عبادة بن الصامت وهو أصح من دليلكم فأين الدليل القطعي الذي قسمتم الأمة بسببه إلى طائفتين متعادين متقاتلين ؟ !
قال الطبري:
(( القول في تأويل قوله : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) } : يعني تعالى ذكره بقوله:"إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا"، ليس لكم، أيها المؤمنون، ناصر إلا الله ورسوله، والمؤمنون الذين صفتهم ما ذكر تعالى ذكره.
فأما اليهود والنصارى الذين أمركم الله أن تبرأوا من وَلايتهم، ونهاكم أن تتخذوا منهم أولياء، فليسوا لكم أولياء لا نُصرَاء، بل بعضهم أولياء بعض، ولا تتخذوا منهم وليًّا ولا نصيرًا ))
ثم قال : (( وقيل إن هذه الآية نزلت في عبادة بن الصامت، في تَبَرُّئِه من وَلاية يهود بني قينقاع وحِلفهم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.))
وروى بسنده أنه : (( لما حاربت بنو قينقاع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، مشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم= وكان أحد بني عوف بن الخزرج= فخلعهم إلى رسول الله، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حِلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حِلف الكفار ووَلايتهم! ففيه نزلت: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) }= لقول عبادةَ:"أتولى الله ورسوله والذين آمنوا"، وتبرئه من بني قينقاع ووَلايتهم=
ثم روى عن أبي جعفر الباقر أنه فسرها بولاية جميع المؤمنين .
فقد روى بسنده - وكذلك ابن أبي حاتم وغيرهما - عن عبد الملك ابن أبي سليمان - تلميذ أبي جعفر- عن أبي جعفر قال: ( سألته عن هذه الآية: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" قلت: من الذين آمنوا؟
قال: الذين آمنوا! .
قلنا: بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب!
قال: عليٌّ من الذين آمنوا).
ورويا كذلك أنها نزلت في علي ابن أبي طالب ولكن سند الرواية في عبادة أصح.
وهذا للتنبيه لا للاستدلال إذ رأينا كثيراً من علماء الشيعة يوهم الناس بأن أهل السنة متفقون على أن الآية نزلت في علي رضي الله عنه فقط ولا يذكر الخلاف ولا درجته وهذا مخل بالأمانة العلمية.
ثم هذا من باب التنزل لا أننا نقر بجواز الاستدلال على الأصول بغير القرآن .
(لِمَ لَمْ يُذكر اسم علي في القرآن) :
*ثم نقول: ما الذي يمنع الله عز وجل من تسمية الإمام علي رضي الله عنه باسمه في القرآن الكريم لوكان سبحانه يريد أن ينصبه إماماً ويسند الإمامة إليه صراحة إذ ذلك الذي يرفع النزاع كما رفعه عز وجل في بقية الأصول خاصة وأنه يترتب عليه كفر وإيمان وجنة ونار حسب زعمكم ؟!
*فإن زعمتم أن التصريح به قد يؤدي إلى تغيير القرآن كما زعم الخميني حيث قال لو كانت مسألة الإمامة قد تم تثبيتها في القرآن فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة ويحذفون تلك الآيات من صفحاته ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلى الأبد...!!!) [ كشف الأسرار : 13 ]
قلنا:هذا القول من أخطر الأقوال على قائله إذ مؤدى ذلك: تكذيب لرب العالمين الذي قد وعد بحفظ كتابه ووعدُ الله عز وجل متحقق لا محالة والذي يعتقد أن رب العالمين لا يستطيع أن يحفظ كتابه إذا صرح بالإمامة فإن ذلك كفر به عز وجل.
يقول سبحانه وتعالى : "إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [سورةالحجر: 9]
(لاتقوم الحجة إلا بذكر الإمامة في القرآن كبقية أصول الدين):
*ثم عوداً على بدء فنقول :كيف يفرض سبحانه ((أصلاً )) على الأمة ثم لا يبينه في كتابه خشية التغيير ؟ !
ما ذنب الناس الذين لايجدون في كتابه سبحانه دليلاً واضحاً على مراده - لوكان ذلك مراده سبحانه-كما يجدونه في بقية الأصول ثم يُطلب منهم أن يعتقدوه ويحاسبهم عليه ولا يقبل منهم عملاً إلا به؟!
إن هذا لا يقبله عقل سليم .
ويحسن هنا أن نتبع هذه المسألة التي اشتملت على أهم دليل للشيعة على الإمامة من القرآن - والذي تبين لنا عدم دلالته - أهم دليل لهم من السنة في مسألة جديدة .
وإن كانت هذه المسألة- التي هي الإمامة على حسب زعمهم- ليست من الفروع التي يبحث عنها في الــسنة لكن لـبيان ضعف الاستدلال حتى من خارج القرآن .
( يتبع المسألة الثانية .. إن شاء الله . )